ضياف البراق : مُعانِقًا جنوني

كتب ضياف البراق :
أحشدُ كلَّ طاقاتي وأمضي للأمام. كل خطوة تشتاقُ للحقيقة، وتحفِرُ في أعماق الكون. أمضي مُجرَّدًا إلَّا من الحزنِ والضوءِ وعِطرِ النساء.
من ورائي وأمامي رياحٌ تهتاج، وتعوي، وتلتوي على عنقي. صحارى تمتدُّ حولي، تتشعَّب، فلا أستسلم لها.
أستجمع نفسي، وأنفاسي، وأمضي بها نحو جهاتٍ بعيدة عن النظر لكنها قريبة إلى القلب. بنبضي أكتب سيرتي العميقةَ، أنقشُها على الصخرِ والماءِ، وأعشقُ الرياحُ، ولا أتصارع مع الغُبار.
نبضاتي أكثر من الكلمات. كل نبضةٍ تقذف بي إلى هاوية، والهاوية الأخيرة تأخذني إلى البداية. لا أتوقف، أتابع السيرَ نحو النهاية، وتظل آثارُ البدايةِ محفورةً على وجهي.
لا أنتهي من مسيرتي الطويلة. وغالبًا أعشق الانمحاء. أمحو نفسي، وأكسر شهوتي، فتكبر روحي، وتَنضُجُ رُؤايَ، وأُفقي يتّسع.
لا أتخلّى عن شيء، ولا أريد شيئًا. نحو اللا هدفِ أركضُ. وهدفي أن أعيش صَائرًا على الدوام.
لستُ عدميًا، ولا أستسيغ التصنيفات؛ التصنيف سلوك كريه.
في الصمت، أصمتُ، وأظل ممتلئًا بالفوضى. في الكلام، أصمتُ أيضًا، وأهذي مثل الغمام الذي يسبِقُ المطر. لستُ فوضويًّا، إنما لا أطيق العيش بلا تمرُّد.
أنفصِل عني، وألتصق بي في آنٍ معًا.
أغيب لا ليزدادَ حضوري، ولا لأصيرَ منسيًّا.
أنمو في رمل غيابي عُشبًا أخضرَ، جنونًا مُضيئًا، ولا أذوب في كل شيء. الغياب يرافقني، فأقتسم معه الساعاتِ والمسافاتِ والهواجسَ، بكل شغف.
غيابي لا يخافني، وحضوري لا يخشى ذبولي.
وبين صُراخي وسُكاتي، تتفتح حياةٌ، وتزدهر أفكارٌ، يتطهّر قلبٌ، ويتجدّد هواءٌ، يشتعل نورٌ، ويختفي سراب.
أبدأُ من النهاية، وأنتهي أبعدَ مني. لا أموت. أولد من أحلامي، وجراحي، وأبقى جديدًا، ومتجدِّدًا، تمامًا كالعشق كالمفتوح. أغيب كثيرًا عن اسمي، لا عن موتي ولا عن حياتي.
أعيشُنِي بهذا الجنون، وأكتبُنِي بهذه البساطة.